الفصل ال 16 : ليلة في العراء ( رحلة الغازي )
الفصل ال 16 : ليلة في العراء ( رحلة الغازي )
" لاتهتم لذلك " قام هزيم الرعد واقفا ونفض التراب عن
ملابسه وأستعد للانصراف . ولكن ما ان سار خطوتان بعيدا حتي ناداه رفيقنا مره أخري
. " يا هذا ، انتظرني !"
استاء
هزيم الرعد فمازال يريد صيد الوحوش السحرية.
"هل
هناك مشكلةٌ أخري؟"
"انت ...."
مرعوبا
من رد هزيم الرعد القاسي ، تمتم بصوت منخفض يائس :
"هل ....... هل ستتركني هنا ؟ ماذا سافعل
وحدي ؟" قبل ان يستجمع شجاعنه وينظر الي هزيم الرعد ويواجهه قائلا : "
كما تري فقدمي مصابة ، ولا أستطيع التحرك. هنا في الاحراش ان لم اموت من الجوع ،
سيقتلني أول ذئب اقابله ...."
استاء
هزيم الرعد أكثر وتردد قبل ان يتنهد، ويضرب الأرض بقدمه :
" حسنا ، انت تفوز! هناك مثل قائل اذا
أنقذت أحدهم فاتمم عملك الي النهاية ! ولكن قبل ان ننطلق يجب ان تعدني ان تتوقف عن
الصراخ! فالصراخ هنا خطر جدا وسيجذب الوحوش السحرية المفترسة !"
بعد
ان حذر صديقنا تعيس الحظ مد يده وساعده علي النهوض.
تصبب
العرق من جبهة تعيس الحظ فقد بدا تحذير هزيم لصاحبنا كتهديد أكثر منه تحذير . لذا
ضغط باسنانه علي شفته لكي يمنع خروج صوت الصراخ الذي كان علي وشك الخروج من الخوف.
عندما وقف صاحبنا علي قدميه لاحظ هزيم الرعد ان ذلك التعيس طويل للغاية .
هزيم
الرعد كان يبلغ من العمر 18 عاما ويعتبر شخص طويل القامة بالنسبة لسكان المدينة
المستعرة. ولكن هذا الأحمق التعيس كان أطول قامة منه! وأكتافة لم تكن عريضة قوية
بل تبدو هشة رقيقة.
" كل هذا الطول ولكنك بتلك النحافة ...... عجبا " اقترب
هزيم الرعد بضعة خطوات وهو يربت علي جسد التعس : " انت تبدو نحيلا ولكن بطولك
هذا لابد ان عضلاتك قوية . وسيكون وزنك ثقيلا !"
لم
يتمالك الابله التعس نفسه من الغضب ورد " انت ..... انت هو ثقيل الوزن"
وتردد
قليلا قبل ان يسأل : "انا ، هل انا حقا ثقيل الوزن ؟"
تسائل
هزيم لماذا يهتم هذا الغريب بوزنه هكذا أكثر من أصاباته.
...........
...........
المهم
......... حمل المخلوق التعيس المصاب علي ظهره طوال النهار وحتي غربت الشمس.
عندها
فحص هزيم الرعد المحيط وأختار مكانا لا تصله الرياح .... ووضع المخلوق التعيس
هناك.
"سنقضي الليلة هنا"
ثم
فرك يده ، وبدأ بجمع الاعشاب الجافة . أوقد بها نارا صغيرة بفتيلة اشعال.
وعندما
هبط الليل بدا الاحمق يرتعش من البرد والرياح القاسية . لذا أقترب أكثر من النار
لينال قدرا من الدفء عندما رأي هزيم الرعد الذي يفعله ، وضع علامة سوداء أخري في
تقييمه . وأخبر نفسه ذلك الابلة مولود وفي فمه ملعقة ذهب .
هذا
الأبله لم يأتي هنا ليحصل علي المال بالتأكيد.
بالنظر
الي ملابسه ومعطف فراءه هذا الذي صنع من
جلد الوعل الجبلي الغالي جدا. وكذلك حذاؤه المصنوع من جلد الغزال باهظ الثمن ،
وهيئته وخوفه من التعرض للأصابة ، وعدم قدرته علي تحمل الصعاب. كذلك ، تصرفاته التي
كانت بعيده كل البعد عن تصرفات الرجال. .
هذا الأبله لم يأتي هنا ليحصل علي المال
بالتأكيد.
بعد
ان أزال الاحمق الوسخ والدم عن وجهه ظهرت ملامحه بوجه أبيض وملامح رقيقة تخبرك انه لم يتعرض لاي
صعاب أبدا . ويداه كانت شديدة اللين توكد هذا الاعتقاد.
همممممم
............. ومن أين حصل علي عيونه الواسعة تلك وذلك الفم الصغير ؟
شعر
المخلوق التعيس بالاستياء عندما اطال هزيم النظر اليه . وانكمش جسده تحت نظرات
هزيم الرعد الفاحصة .
( هل كشف ذلك الصياد أمري . لابد انه يفكر في القيام بشئ سئ لي
.... لابد انه يفكر بالقيام بشئ سئ!!!! لو هحاول التهجم علي ، ساقاومه بكل ما أملك
!!!)
عزم
التعيس علي مواجهة هزيم الرعد ان تعرض له بالاذي ، ونظر بشك لهزيم وقد ضم اصابعة
في شكل قبضة استعدادا للقتال ( قتال مين ده بيقطع الفرو بيده .... فقط انتظر لتؤكل
ولا تزعجنا بمقاومة لا طائل منها ). ولكن حالته هذه حيرت هزيم بدلا من ان تخيفه .
"لماذا تحدق في هكذا؟ هل هناك شئ علي وجهي؟" قبل ان يمسح
وجهه بيده .
" هاه ......... لا ..لا شئ."
بينما
تحاشي المخلوق التعيس النظر في عيني هزيم علا صوت أخر ( صوت قرقعه معدته .
وما
ان انتهي الصوت حتي تبعه صوت أعلي منه وهذه المرة انتبه هزيم لمصدر الصوت . هنا
احمر وجه المخلوق التعيس خجلا وأخفي وجهه بين ركبتيه.
فحص
هزيم المحيط جيدا وقال مستعبطا "هاه؟ غريبة .... الليلة ضفادع الطين تصدر
اصواتا عالية ".
" لا .............. تلك ليست اصوات ضفادع الطين ، هذه أصوات
بطني !" قبل ان يضم قبضته بانفعال ويسأل : " حسنا .......... انت الن
تتناول غدائك ؟"
هنا
ضحك هزيم الرعد ساخرا وأخرج الخبز الجاف من حقيبته وقطع منه قطعة . علي الرغم من
ابتسامه المنتصر الشهم علي وجهه الا ان القلق كان يملا قلبه. فهذا الخبز يكفي شخص
واحد ليومين فقط . والان بعد ان صاروا اثنان عليه البحث عن الطعام مذ صباح الغد .
يبدو
ان قول العجوز الراحل كان صحيحا . التصرف كشخص طيب له ثمنه .
انتزع
المخلوق التعيس قطعة الخبز الاسود والجاف ، ولكن لم يأكلها بل ضغط عليها يختبر
لينها . لم يعد لهزيم الرعد صبرا ليري التعيس عديم الوفاء ينظر الي طعامه وقال :
" الا تعلم ان الخبز للاكل ..... وليس للعب ؟"
"انت ، ماذا قلت؟ " صرخ المخلوق التعيس من المفاجاة وتابع : " هذا الشئ ، يأكله البشر
؟!!!"
اجاب
هزيم الرعد غاضبا : "كفي هراء، ان لم يكن الخبز للاكل فلماذ يكون ؟!"
احمر
وجه التعيس مرة أخري ولم يحر جوابا .
" ليس أمامك سوي ان تاكله والا تجوع حتي الموت ! ففي كل
الاحوال ، هذا كل ما لدي من طعام لماذا تنظر الي ؟ الا تعلم انك تمسك بيدك الان
عشر ثروة عائلتي ! اوووووف! . ان لم تكن ستاكله ، ارجعه الي !"
اصاب
القلق التعيس عندما اقترب هزيم ليستعيد خبزه . لذا قضم بسرعة الخبز الذي لم يري
مثله طوال حياته .
ولكن
تلك القضمة ..... كانت لها نتائج سيئة .......للغاية ...
فبعد
يوم وليلة لم يأكل فيها ، صار جائعا كذئب وهو أمر لم يختبره في حياته أبدا . لذا
جائت قضمته قوية بلا تمهل .
ولسوء
الحظ ، فذلك الخبز صنع ليكون قاسيا وجافا ليتحمل السفر والتخزين الطويل . ومع
برودة الجو والثلج الذي يغطي المكان صار الخبز بصلابة الصخور .
" طك!"
لذا
اعقب تناول المخلوق التعيس الخبز صوت كسر شئ ما ، بالطبع عندما اخرج الخبز من فمه
لم يكن عليه اي أثار للاسنان. بل وقعت سنة بيضاء كالثلج علي الارض .
“……”
عم
السكون للحظة قبل ان يعلو الصراخ والتأوه مرة أخري .
" اوووو .............. سنتي.. اسناني"
وأستمرت معاناة المسكين البائس
تعليقات
إرسال تعليق