الفصل الثاني : الساحرة اسمها آنّا ( الجزء الاول)

الساحرة اسمها آنّا ( الجزء الاول) 

قضي المبرمج باقي النهار في غرفته،  ينظم افكاره، ويستدعي ذكريات الامير، وعندما جاء وقت الغداء امر الخدم بتوصيل غداءه الي غرفة نومه .

كبح المبرمج خوفه من البيئة الجديدة ، بارادته القوية، وعزم شديد حاول قدر الامكان الحصول علي معلومات حديدة فكلما زادت معرفته بالعالم المحيط كلما قلت فرص اكتشافه .

وبجانب حياة اللهو التي قضاها الامير الراحل التي قضاها مع رفاقه من النبلاء ،خلا عقله من اي معلومة قيمة عن الوضع الاجتماعي، ،اوالوضع السياسي داخل بلدة، او علاقتها الدبلوماسية بالبلدان المحيطة بها. بينما اختلفت المعلومات التاريخية، والاحداث الكبيرة في تاريخ اوروبا القديمة عن التاريخ الذي يعلمه الامير .

بثقافة مثل ثقافة الامير الراحل من المستحيل عليه الفوز بالعرش ، وربما هذا هو سبب ارسال الملك الحالي له الي هنا - الي هذا المكان المقفر - فمهما أساء التصرف لن يحدث ضررا كبيرا بالمملكة .

ولكن عندما تذكر اخوته وأخواته اصابته الحير ولم يدري أيضحك ام يبكي علي حاله ؟

فأخيه الاكبر يمتلك قدرات عسكرية جيدة، بينما الاخ الثاني امتلك عقلا مدبرا يحسن الخدع والتدبير ، الاخت الثالثة تخاف من الموت خوفا مرضيا، اما الاخت الصغري فكانت شديدة الذكاء بل عبقرية هكذا يتذكر الامير اخوته وذلك انطباعه عن اهم ما يميز كل منهم .  اخوة عاشوا مع بعضهم لدة 10 سنوات علي الاقل وكل ما يمكنه ان يتذكر عنهم هو نلك الكلمات القليلة ،   لا يعلم شئ عن القوة التي يمتلكوها ، ابرز رجالهم ، خططتهم المستقبلية ،اماكن نفوذهم .... لا يعلم شئ اطلاقا.

من الواضح ان الامير لم يمتلك شخصية قيادية ،فلم يقضي الامير فيهذه المدينة الحدودية سوي 4 أشهر، ولكن النبلاء باتوا يظهرون امتعاضهم منه ولكن من حسن الحظ عندما بعث الامير لهذه المقاطعة، ارسل معه مساعدين ليديروا المقاطعة عنه، والا لعاني من غضب السكان، وصار نكته في عيونهم .

ولكن في الصباح التالي استمرت الجارية " تيري " في تذكيره، ان وزيره يريد مقابلته .  حسنا يبدو ان الامر مستعجل، ولن يستطيع تأجيل اللقاء أكثر من ذلك، لذا كعادة الامير الراحل وضع يده علي موخرتها، وأمرها ان تخبر الوزير انه ينتظره في غرفة الاستقبال .

انصرفت تيري الجارية من الغرفة بوجه محمر خجلا وهنا تذكر رولان ما قراه من قبل عن ابطال الروايات الخيالية الذين ينتقلون الي عوالم أخري غير عالمهم ويكتسبون ميزة جديدة او نظام ما لاكتساب القوة ومادام انتقل الي عالم أخر من المفترض ان يمتلك نظام ما او ميزة ما لاكتساب القوة ! ولكن تلك الميزة الخاصة التي ذكرتها العديد من القصص لم تصل أبدا !!!!!!!!!!!!

من المؤكد تلك الحكايات جميعها أكاذيب جلس الوزير في قاعة الاستقبال وقد مل الانتظار وما ان راي رولان حتي بادره : " سموك لماذا أجلت عملية الشنق ؟ "

" وما الفارق بين شنقها اليوم او غدا ؟" ثم صفق بيده للخدم ليحضروا فطوره واشار الي الوزير باروف بالجلوس

فقد علم من ذكريات الامير ان قائد الفرسان يسأل جهرة بينما الوزير باروف يحب مناقشة الامور بشكل خاص ..... علي ما يبدو ان ولائهم لم يكن له بل كان للملك .

" تأخير الاعدام ليوم أخر قد ياتي بالمزيد من الساحرات  سمو الامير، هذه المرة الامر خطير ولن يمر بسهولة ، ليس في هذه الاوقات الفوضوية "

"كيف تجرؤ  ؟" سأله رولان وقد ظهر غضبه " هل فقدت قدرتك علي التفريق بين الحقيقة والاشاعات الكاذبة ؟"

تسائل باروف بحيرة " ايه شائعات تقصد ؟ "

رد عليه رولان " ان الساحرات شريرات وانهم رسل الشيطان أليست فتوي الكنيسة؟ انا لن اسمح لهم بالتدخل هنا، ومع اننا اعلنا اننا لن نساعدهم في إصطياد الساحرات ولكن سكان هذه المقاطعة صدقوا الكنيسة وشائعاتها المخزية وحاولوا اعدام هذه البريئة ."

صدم باروف من رد الامير الذي تابع " فماذا فعلن حقا ليستحقوا هذا الوصف وينالوا تلك العقوبة ؟"

صمت الوزير برهة وهو يحاول التاكد ما اذا كان الامير جادا في حديثه او ان كان فقط يسخر منه، ولكنه جاوب الامير علي أي حال فلم يكن يجرؤ علي تجاهله  " يمكن مناقشة هذه الامور في وقت لاحق، انا اعلم ان سموك لا يحب الكنيسة، ولكن الصدام معها ليس في مصلحة سموك ."

قلب رولان شفتيه استنكارا، ولكن لم يواصل النقاش فلن يقدر علي تغيير أفكار الوزير بين ليلة وضحاها.

جاء الافطار أخيرا : قطع الخبز وطبق من البيض المقلي مع دورق من اللبن أخذ رولان الدورق وصب كوبا لنفسه واخر للوزير علي غير عادة الامير العنيد .

" انت لم تتناول فطورك بعد ، اليس كذلك؟ "

سأل رولان الوزير بينما يتناول الافطار  فقد ألحت الخادمة عليه بلقاء الوزير منذ الفجر الذي وصل وطلب لقاء الامير في وقت باكر لذا أكيد فوت الفطور فهو وان قرر ان يتبع اسلوب حياة الامير السابق فهو لن يبقي علي حاله البائس اللامبالي لذا لابد ان يحدث بعض التغيير شيئا فشيئا لكي لا يلاحظ أحد. ووزيره العاقل كان هدفه الاول واتبع معه المثل " لو اهتممت بموظفيك اكثر واحسوا بذلك فسيعملوا لمصلحتك بجهد أكبر"

تناول باروف كوبه ولكن لم يشرب و بتوتر تابع " سموك لدينا مشكلة الحراس ابلغوا انهم وجدوا تجمع – معسكر مهجور– للساحرات في ناحية الغابة الغربية يبدوا انهم غادروا علي عجل ولم يزيلوا اثارهم لذا استطعنا ايجاد معسكرهم .

ثم تناول من جيبه عملة وضعها امام رولان العملة الغريبة التي لم ير رولان مثلها بدت وكانها صنعت من مادة ما غير المعدن المعتاد .

التقط رولان العملة وفوجئ انها ساخنة ، بالتأكيد فسخونة بلغت تقريبا 40 درجة مئوية نفس درجة الحرارة التي يفضلها عندما يرغب بالاستحمام لم تكتسبها من وزيره.

" ما هذا ؟"

" في البداية ظننتها احد منتجات الساحرات المؤذية ولكن يبدوا ان الامر اكبر من ذلك " مسح باروف عرقه قبل ان يتابع " النقش الذي تحمله هو عين شيطان الجبل المقدس، الشعار المعروف الذي يحمله مساعدوا الساحرات "

قلّب رولان العملة الغير مصقولة والخشنة بين اصابعه وخمن انها مصنوعة من الفخار ( خزف ) وبالفعل نُقش علي العملة رسما رديئا لمثلث يحتوي عين رسمه هاو وصنفره يدويا .

وعندما حاول ان يتذكر اي شئ يرتبط بالكلمات " مساعدوا الساحرات " او عين الشيطان الجبل المقدس " لم يجد اي ذكريات للامير الذي لم يؤمن ابدا بالخرافات.

ولكن باروف لم يتوقف وتابع " سمو الامير انت لم تقابل الساحرات من قبل ومن الطبيعي ان تنكر قدراتهم  انهن ينزفون الدم مثلنا ومن السهل قتلهم مثل باقي البشر طبعا ما دامت لم تصل الي سن البلوغ  ولكن عندما تبلغ الساحرة، وتستجيب الساحرة لاغواء الشيطان ستحظي بقدرات شيطانية صحيح انها تقصر اعمارهم ولكن بعض هذه القدرات فظيعة لا نستطيع ــ نحن البشر العاديون ــ مواجهتها فالساحرة وبمجرد ان تصل لسن البلوغ سيصير بامكانها مواجهة جيش كامل وحدها وسيدفع هذا الجيش ثمنا باهظا للقضاء عليها ولا يمكن كبح جماحهن ؛ هن بلا شك ربيبات الشيطان ."

لهذا  انشأت الكنيسة محاكم عسكرية لهن تصدر احكاما عاجلة فان وجدوا اي فتاة يشتبه في كونها ساحرة او ستكون يقبض عليها فورا وتعدم، وقد حظت الكنيسة بتأييد الملك في هذا الامر ، والذي اثبت فعالية كبيرة، فغدت الحوادث حيث تُحدث الساحرات فوضي عارمة قليلة جدا مقارنة عما كانت عليه من 100 سنة مضت . اما الجبل المقدس او كما نسميه بوابة الجحيم فهو مجرد اسطورة ذكرتها الكتب القديمة ."

لم يملك رولان نفسه ان يقهقه ساخرا من حين الي أخر وهو يستمع الي كلام باروف فمسار الاحداث في كلا من الماضي في عالمه القديم والحاضر في عالمه الجديد بديا متماثلين في مسار الاحداث وان تغيرت المسميات . فهو يعلم علم اليقين ان اتباع الشيطان الحقيقيون هم كهنة الاديان والمنتفعين منها وأن هؤلاء الدجالون هم مصدر كل الشرور . فهو يدرك ان باصدارهم حكما باسم الاله ليقبضوا علي شخص ما ثم يبحثوا عن علامات الشر بجسده ثم يرسلوه الي محكمة لتقضي بحكم مسبق بالاعدام  هو خطيئة بحد ذاته .

ولكن باروف الذي لم يدر بما يفكر الامير فعلا تابع الحكاية " كما ذكرت بعض الكتب القديمة ان الساحرات لن تنعم بسلام حقيقي الا في الجبل المقدس. فلن ينتكس سحرهن ولن يرتد عليهن ليجعلهن يعانين من رغبات الشيطان العارمة . هذا المكان - الجبل المقدس - هو بلا شك مصدر كل الشرور وباب الجحيم الي الارض مؤكد ان الساحرات سينعمون بالسلام هناك فالشيطان لن يعاقب اتباعه . "

سال رولان " ماذا تعرف عن مساعدوا الساحرات ؟ وما علاقتهم بالجبل المقدس ؟"

رد باروف شرحه بوجه ممتعض فقد ظن ان الامير يستهزئ به بسؤاله عن كل هذه البديهيات "  في الماضي سارت الامور بشكل جيد  في الماضي سارت الامور بشكل جيد ولكن منذ ان ظهر مساعدوا الساحرات الذين يطلقون علي انفسهن " فرقة الساحرات المتحالفة " والتي تتبع منظمة اتحاد الساحرات وغدت الامور اصعب بل ان كثير من الصغيرات اختفين بعد ظهور هذه الفرقة التي تمكنت من اغواء المزيد من الفتيات وضمهن الي صفوفهن "